إذا كانت العلاقات بين
الرفاق في المدرسة تساهم في تحديد " أخلاقيات الجماعة" من خلال معارضة
الراشدين خاصة، فإن العلاقات مع المدرسين ( خارج مجال الدراسة ) تضمن استمرارية
الفكرة التي تكونت لدى الطفل، قبل التحاقه بالمدرسة، فيما يتعلق بالمبادئ
الأخلاقية الكبرى. فعلى الطفل أن يتعلم مثلا، أن عليه أن يتحلى بالصراحة و الصدق،
بصرف النظر عن نوعية المشاعر التي يكنها لهذا الشخص أو ذاك. وعليه أن يتعود على
تقبل سلطة الراشد، التي تقوم على الضرورات الإجرائية للعمل الجماعي، وعلى المكانة
الخاصة التي يحظى بها المدرس بحكم مهنته و مسؤولياته.
إن سلطة المدرس ليس
لها طابع وجداني ولا طابع ديني، كالذي تتسم به سلطة الوالدين، خلال السنوات الأولى
من عمر الطفل. ولذلك فهي تتلاءم مع تطور الفرد نحو الاستقلالية، على نحو تدريجي.
قد يشعر الطفل بالمودة تجاه مدرسه لكنه ليس مضطرا لذلك. كما أن بإمكانه أن يحتج
بطريقته الخاصة على المدرس، دون أن ذلك انتهاكا لحرمة هذا المدرس، ورغم أنه قد
يتعرض لبعض العقوبات، نتيجة لاحتجاجه. ومن الضروري أن تتطور نظرة الطفل إلى هذا
المدرس، كي يتمكن من اعتباره شخصا مكلفا بتعليمه، وليس شخصا " يشتغل التلاميذ
في الفصل من أجل إرضائه ". وبطبيعة الحال، فإن هذه النظرة الخاصة إلى سلطة
المدرس تحتاج إلى وقت طويل كي تتبلور في أن تكون سلطة المدرس، منذ البداية، مختلفة
عن تلك السلطة التي ألفها التلميذ في البيت.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق